(( الأمــــــــــــل ))

عدد الرسائل : 5 العمر : 54 تاريخ التسجيل : 04/01/2008

(( الأمـــــــــــــــــــــل ))

في مساء أحد الأيام , في ليلة شتاء باردة , أتت للمدينة التي أعيش فيها أميره ,وكانت تملك جمالاً حكي به في كل المدينة , وبما أني أسير هذا المنزل لم أرى ذلك الجمال , وقد حدثوني الناس بأن أخرج لأرى ذلك بنفسي , فقلت : لهم أنا لا أحتاج ذلك الجمال , وقد ألح علي أخي سالم وجارنا أبو عبد المجيد بأن أرى ذلك , فهو جمال يستحق أن يرى , وفجأة وإذا بابنتي تدعوني من خارج المنزل بابا بابا , وهرعت إلى تلك الشرفة مستجيبا لنداء ابنتي , وإذا بها تريني صورة وتقول الأميرة أعطتني إياها , فتعجبت لأمرها ونزلت لها لأنظر أمرها , وإذا بتلك الصورة شمس في أعلاها وقمر في أسفلها وفي وسط الصورة ورده لم أرى مثيلها وأسفل تلك الصورة مكتوب (إن احتجتني فتعال إلي) .
فلم تأخذ تلك الكتابة أي حيز للتفكير, وهممت فقط بابنتي وما أصابها, لأنني كنت خائفاً عليها.
وإذا بها تشدني مع ذراعي وتقول لي يا بابا : تعال معي سأريك هذه الأميرة , فرأيت نفسي أنساق خلفها وتلك الصورة قد أمسكت في يدي حتى أني لم أستطع أن أفلتها من يدي , فأخذت أركض خلف ابنتي وهذه الصورة قد تشبثت بيدي والتصقت فاشتغلت بها , إلى أن اقتربنا من المنطقة التي تتجول فيها تلك الأميرة , وبعد أن أصبحت قريباً من تلك الأميرة التي كانت تلعب مع أوراق تلك الحديقة وأزهارها نظرت للصورة فإذا بي أراها قد تغيرت وكتبت جملة (أنت لا تعرف الجمال) فخفت من هذه الصورة وحاولت مراراً وتكراراً أن أتركها من يدي فلم أستطع وبينما أنا كذلك وإذا بأبي يناديني يا عبد الله تعال هنا , ( فقلت في نفسي وما أتى بأبي إلى هنا) ولكن ندائه لم يمهلني أن أفكر, فأخذت بيد ابنتي وتوجهنا إلى أبي وحاولت إخفاء تلك الصورة المتعلقة بيدي فإذا بأبي يسألني : ماذا هناك , وما الذي تخفيه ورائك ؟
فتلعثمت قليلاً, وأخذت أنظر للصورة فإذا بي أكاد أدهش من أمر هذه الصورة فقد تغير كل ما فيها وكتب (أنظر إلي فقط وقل الحقيقة).
فنظر أبي إلى الصورة وقال ما شاء الله هل توجهت إلى الرسم فقلت لا فقال ماهذه الشمس وما هذا القمر وكيف جمعت بينهما مع هذه الوردة الجميلة .
فخفت أكثر من أمر هذه الصورة فأنا لا أرى فيها شيئاً مما قاله أبي في تلك الحزة ,فقال أبي : أنظر يا ولدي ما الأمر وأبلغني , فقلت له : سم إن شاء الله سأآتيك بالخبر , فأخذت أقترب منها والناس قد إلتموا حولها ومن كثرة الناس رجعت إلى أبي أودعت ابنتي عنده خوفاً عليها من ذلك التجمهر الغفير , وأخذت أقرب شيئاً فشيئا
وفجأة وإذا بي أقف أمامها لا حائل بيننا سوى وردة قد أخذت في الطول لتقف بيننا وتشكل حاجزاً.
فأخذت أنظر حولي فلم أجد أحداً ممن كانوا يتجمهرون حولها, ونظرت للصورة فإذا بها كلمة واحدة (أمتأكد) فحاولت أن أنظر وأحدق في تلك الكلمة علي قرأتها بالخطأ.
فإذا بذلك الصوت يناديني من خلف تلك الوردة المتعملقة وتقول : هي هي , فقلت : وما عساها هي هي , فقالت : هي ما قرأت , فقلت : لم أفهم شيئاً , فقالت : القراءة الآن والفهم يأتي لاحقاً .
فأحسست بإغماءة ودوار في رأسي كاد يسقطني فأخذت تمسك بي وتحدق بي وتردد علي كلمة واحدة أمتأكد أمتأكد , فقلت : مما , فقالت : أمتأكد أنت , فقلت : مما إني خائف , فأخذت تمسح وجهي بيدها وتتمتم بكلمات لا أعرف ماهية وتقول : لا تخف فإنك معي .
وفجأة نظرت إلى الصورة المتمسكة بيدي وإذا بها شمس في أعلى الصورة وقمر في أسفل الصورة ووردة في نصف الصورة ومكتوب أسفلها ( أنا هي فقط تعشني) فزدت خوفاً وهلعا.
فأخذت الأميرة تهدئ من روعي : لا تخف لا تخف إنك في مأمن معي , فأشرت لها إلى الصورة المتمسكة بيدي وأنا أحاول أن أبعد ناظري عن محتوى الصورة , فقالت الأميرة : أنا من أمرها أن تتمسك بك وقد أعطيتها ابنتك لتوصلها إليك , فأصابتني قشعريرة وخوف حتى من يديها الناعمتين على خدي , فوثبت جزعاً منها ومما يحدث لي , وقلت محدثاً نفسي : إنها ساحره شريرة .
فقاطع حديثي لنفسي , زفرة وتنهيدة لتلك الأميرة أحسست معها أنها ألقت بكل أحمالها في تلك التنهيدة , وقالت : يا عبد الله إنما أنا روح الأمل , أتيت أزرعه هنا , وتشير إلى صدري , وقد علمت ما كنت تحدث به نفسك في وحدتك وطول تفكيرك في القادم من أيامك ويأسك من الأمل .
وما كنت لأزرعها لو لم أجد ما يساعدني على ذلك, فقد وجدت كل من حولك يحبونك.
فقاطعتها وحروفي تصطك في بعضها ومخارج الحروف قد زلزلها خوفي وقلت: ابعدي هذه الصورة من يدي.
فأومأت إلى الصورة فإذا بها تطير في السماء إلى أن اختفت .
فقلت: لها وقد خف روعي وأمن جزعي: وما قصة تلك الصورة, وما بها تتبدل في كل مره ولا يرى تبدلها إلا أنا ؟ فقالت : سأشرح لك ذلك :
في الصورة الأولى :
المقصود أن الأمل لا يأتي بالانتظار, وإنما عليك المبادرة إليه, بالعمل والكد والجهد متحلياً بالصبر.
فقلت : هذا صحيح (العمل فالأمل)
في الصورة الثانية :
مكتوب أنت لا تعرف الجمال, والمقصود أن الأمل لا يأتي مع ميت, فالأمل يأتي مع الحي المتفائل المحب ثاقب النظر.
فقلت : صحيح , (الأمل للحي , وليس للميت) .
في الصورة الثالثة :
مكتوب أنظر إلي فقط وقل الحقيقة. أي أنظر إلى هذه الدنيا فهي تستحق العناء والتعب, ولو لم تكن هناك مصائب وحوادث وعوارض تنغص الحياة, لما كان للفرح والسعادة وجود في هذه الحياة.
فقلت: كلامك والله صحيحا (فلا يأسا مع الحياة, ولا حياه مع اليأس )
الصورة الرابعة:
والدك حفظه الله ورعاه , قد مارس الحياة وقد أخذ منها وأعطاها , وهو بذلك قد اكتسب خبرة الحياة , وصبر عليها وتحملها , فرءاها على حقيقتها , وهو إنسان متفائل , رغم انه أصبح شيخاً كبيرا وقد دنى منه الأجل , فما أدراك من سيموت أولاً أهو شيخٌ كبير أم طفل صغير , وهذا كله إيمان بالله .
فقلت: والله إن كلامك لصحيح (وإن الأمل في الله)
الصورة الخامسة:
أمتأكد , وهي تعني أنك بدأت تعي ما أنت فيه , وأنه لابد لك أن تتأكد من ذلك بل وتؤمن به بأن الأمل موجود .
فقلت: نعم أني بدأت أحس فيه, وأن ( الأمل موجود )
الصورة السادسة:
فقلت: لها فهمت ما ترمي إليه جملة (أنا هي فقط تعشني) فأنا سأعيش من أجل هذا الأمل.
فقالت: أي أمل هذا, فقلت: الأمل في كل شيء.
فقالت : يبدو أن صحتك أصبحت كالحصان .
فأخذت أضحك أتقهقه فرحاً بما قالت وبما ألت إليه وبما تعلمته منها , فنظرت أريد أن أسألها فلم أجدها , فقد اختفت تماماً ففزعت من نومي وأنا أبحث عنها وأنادي وما تعني الشمس والقمر وتلك الوردة , فإذا بي وحيداً مجندلاً على سريري فهرعت إلى الثلاجة مسرعاً لأبل ريقي بكوب ماء وأستعيد شريط هذا الحلم الجميل .
وبدأت أسأل نفسي عن سر وجود الشمس والقمر وتلك الوردة , والحمد لله عرفت ما هو سر وجودهما , فالشمس والقمر تدل على تعاقب الليل والنهار وأن الحياة جميلة وأنه يوم لي ويوم علي ولابد لي من مسايرتها , وأما الوردة فما كانت سوى عنوان للأمل ومفتاح للحياة . انتهت
آمل أن تكون هذه القصة قد حازت على إعجابكم فهي المحاولة الأولى وأتمنى أن لا تكون الأخيرة .

أخوكم عبدالله العبدلي
السفـــ13ـــير

مشكوووووووووووووور اخوي السفير وتقبل مروري اخوك عبور lol!

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
مشكور اخوى على مشاركتك ويعطيك العافيه

تقبل مرورى ودمت سالمين